مقال .. اليمن في جيوبنا


قد لا أجد حرجاً في إختيار هذا العنوان لكتابتي البسيطة ولكن لعل ما دفعني لذلك هو التغطية الإعلامية اللافتة المواكبة لإنطلاقة ما سمي " الهيئة الوطنية للتوعية " فحيثما وليت وجهي فثمة إعلان هُنا أو هناك عن الهيئة ترافقه عبارة وطنية أعتمدت شعاراً للهيئة "اليمن في قلوبنا" وبقدر ما يحمله هذا الشعار من معاني ودلالات عظيمة بقدر ما تبادر الى ذهني تساؤلاً عن الأموال التي تم إنفاقها على الهيئة وعلى حملتها الإعلامية الضخمة والتي تنوعت ما بين إعلانات بمساحات كبيره ودعايات وإعلام ورآيات تمتلئ بهن زوايا الجولات والأماكن العامة في مختلف مدن اليمن ناهيك عن إعلانات في قناتي اليمن والسعيدة وحتى الإذاعات الوطنية.

أنا هُنا لا أقصد التشهير بالهيئة والقائمون عليها من رجال أدركوا أخيراً أهمية التوعية الوطنية وأكتشفوا في نهاية الأمر تلك الفجوة الثقافية التي يعاني منها المواطن "وهم في الصف الأول طبعاً" وغياب الهوية الوطنية والإعتزاز بالوطن وحضور إحتقارالذات والشعور بالدونية لدى الجميع فكُنا بحاجة ماسة الى من يعيد لنا هويتنا ويذكرنا بالوطن الذي قد نظن أننا ولدنا فيه وترعرنا به وأعطانا الكثير وكان من المفترض أن ذلك الدور الغائب يقع على عاتق الجهات الرسمية وبالأخص وزارة التربية والتعليم في تغذية الروح الوطنية والتعريف بالهوية وتحصين المجتمع وتعزيز الوحدة وغرس وتنمية ثقافة الولاء الوطني إضافة الى دور منظمات المجتمع المدني على إعتبار أن الهيئة الوطنية للتوعية منظمة مجتمع مدني بالرغم أن ظهورها الملفت يوحي بعكس ذلك تماماً خاصةً بعد أن سخر الإعلام الرسمي طاقته وأستنفد جهوده في سبيل إفساح المجال للهيئة للتعبير عن نفسها وسرد أسماء هيئتها ومجلسها الموقر مع إحتفال صُرف له الملايين من الريالات ظل يعاد أكثر من مره على شاشة الفضائية وقناة العقيق التي بدأت بثها التجريبي قبل أيام والتي ستكون المنبر الإعلامي الجديد للقيادات الشابه التي سرعان ما تجد لنفسها الطرق والوسائل للظهور أمام الناس وإن كان هذه المره بقيادة منظمة مجتمع مدني بالرغم من أن القائمون على الهيئة من قيادات الدولة والتي كان من الأحرى بهم أن يؤدوا ذلك الدور في مناصبهم ولكن يبدو أن هُناك أسباباً أخرى دفعت بهم الى ذلك ويبدو أنهم لم يدركوا أن حجم نشاط الهيئة وخاصةً الإعلامي والإعلاني قد يفصح عن جزء مما يمتلكون من ثروات هذا إذا كانت الهيئة لم يرصد لها ميزانية من المال العام وبإعتبار أنهم كما يقولون من يتكفل بدفع الاموال وذلك يدفع البعض الى التشكيك وإثارة التساؤل حول ما إذا كانت المناصب الرسمية تجعل من أولئك أصحاب رؤؤس أموال وثروات طائلة عير محدده برقم .

العمل الوطني في اليمن وظيفة وإستثمار بل يكاد يكون نوعاً جديداً من أنواع التلاعب بالمال العام تحت عباءة الوطن في قلوبنا فهم يعيشون بالعمل الوطني وغيرهم يعيش بالأزمات في بلد يتناقض فيه كل شيء والكل يأكلون من أكتاف المواطن وفي الأخير يريدون منا أن نضع اليمن في قلوبنا وهو كذلك فعلاً ولكن لم ينسوا أن اليمن في جيوبهم وليس في قلوبهم ... والعاقبة للمتقين