مشاهد دموية في الذاكرة الوطنية




مشاهد دموية في الذاكرة الوطنية ..

الذاكرة الوطنية مُثقلة بالصراعات والأزمات وتحمل في طياتها الكثير من المشاهد الدموية التي آلت بوطن كاليمن الى ما هو عليه اليوم فمنذ ميلاد الثورة اليمنية حتى الآن واليمن تعيش دوامة من الأزمات والخلافات التي كثيراً ما تجد طريقها للترجمة بالسلاح والقذائف .. لطالما عانى اليمن من صراعات عبثية بين مختلف القوى السياسية والإجتماعية وخاصةً بعد الثورة لتوقف آمال وتطلعات الثورة وتنهي مسيرة لم تبدأ من البناء والتنمية وتعلن إيقاف أي محاولة للنهوض بل تعود بنا خمسين عاماً للوراء ..

في بلد منهك كاليمن الذي لم يعش فترة هدوء يستطيع من خلاله أبنائه الإلتفات الى البناء وكلما حاول البعض ذلك أطلق الطرف الآخر رصاصات الدمار والخراب في مشهد متكرر يعاود نفسه منذ فجر الثورة التي ما فتئت القيام بدورها حتى جابهت الكثير من الأعداء داخلياً وخارجياً لتجد الإمامة البائدة من يناصرها للإنقضاض على الثورة التي جابهت الكثير من التحديات كان أبرزها حصار السبعين يوماً الذي هُزمت فيه الملكية وذهبت الى غير رجعة , لتبدأ بعد ذلك صراعات النفوذ بين مختلف القوى التي تقاسمت البلاد بعد عام 1970م ليُعم الفساد والفوضى من جديد ومع بزوغ أمل حركة الحمدي التصحيحية في 13يونيو 1974م تجددت الآمال والتطلعات الى بناء الدولة الحديثة وتحقيق العدالة والمساواة والأمن والأمان ومع النجاح التي حققته الحركة على مختلف الأصعدة إلا أنه لم يكتب لها الإستمرار فأعلن وفاتها مع إسشهاد قائدها إبراهيم الحمدي في 11أكتوبر 1977م في ظروف غامضة .

في ذلك الوقت كان الشطر الجنوبي من الوطن يعيش جولات دامية بين مختلف التيارات اليسارية التي تنازعت السلطة ليحكم الجنوب بعد الإستقلال قحطان الشعبي والذي أنتهى به المطاف الى السجن والإعتقال عقب حركة سالم ربيع على في 12يونيو 1972م وفي نفس العام تبادل الشطرين إطلاق النار على الحدود لتنتهي بوساطة الجامعة العربية في أول جولة دامية بين الشطرين آنذاك .

أحمد حسين الغشمي كان الرئيس بعد الحمدي والذي لم يدم طويلاً حتى أغتيل في صباح 24يونيو 1978م في حادثة الحقيبة المشهورة ليستغل عبدالفتاح إسماعيل وزير الدفاع بالجنوب تورط سالمين بالعملية ليقضي عليه وعلى رفاقة في ليلة دامية شهدتها مدينة عدن بعد إغتيال رئيس الشطر الشمالي بيومين فقط 26يونيو 1978م .

في الشمال إنتخب العقيد علي عبدالله صالح رئيساً للجمهورية في فترة ملبده بالغيوم جعلت الكثير من الشخصيات تنائ بنفسها عن منصب الرئيس لتشتعل حرب ثانية بين الشطرين قُتل فيها الكثير حتى أفضت الى مصالحة الكويت بعد تدخل عربي ومع إنتهاء الحرب ظل الحزب الإشتراكي يمد عملائه في الشمال بالمال والسلاح لتستمر الجبهة الوطنية "حوشي" فرض الوحدة بالسلاح وإنتهاج الماركسية كمبدأ وخيار لا تراجع عنه فعاشت المناطق الوسطى سنوات من حمام الدم راح ضحيتها الكثير والكثير من أبناء الوطن والتي أستمرت حتى اواخر عام 1982م .

ويستمر الزحف الشعبي الهائج نحو الوحدة الذي فرض نفسه على النظامين كخيار لابد منه ومع توقيع العديد من إتفاقيات الوحدة إلا أن الطريق للوحدة لم يكن سهلاً فقد أدى الصراع بين رؤوس الحزب الإشتراكي بعدن 13/1/1986م الى قتل الآلآف في يوم دموي لم تشهده عدن من قبل أطاح بالكثير من الزعماء والقادة ليتهي بخروج الرئيس على ناصر والوية من الجيش بالهروب الى شمال الوطن وينتهي بعبدالفتاح إسماعيل الى مصير غامض يرجح انه قُتل في إحدى الدبابات وحرق جثته ليعلن في الجنوب إنتصار تيار العطاس والبيض .

وكان شعبنا يصنع يومه المجيد صباح 22مايو 1990م ليستعيد لحمته التاريخية ويعلن إنتهاء التشطير وبدء مرحلة جديدة من العمل وتحقيق البناء المنشود إلا أن الفرحة بتحقيق الوحدة لم تكتمل بسبب خلافات عصفت بشريكي الوحدة ومعهما عاش الوطن أزمة سياسية القت بظلالها على الوضع المعيشي للمواطن خاصة بعد أزمة الخليج التي اودت بطرد مليون ونصف من العمال وإعادتهم للوطن ..

الأزمة السياسية مافتئت ان تحولت الى جولة دامية من جولات الصراع بين الأشقاء وهذه المرة حرب صيف 1994م التي قضت على ارواح الآلاف من أبناء الوطن وأنهكت الإقتصاد الوطني وكادت أن تعلن موته ليستعيد بعضاً من عافيته عقب إنتهاء الحرب التي أدت بالحزب الإشتراكي الى خارج السلطة وقيادتة الى خارج الوطن ويبقى المؤتمر الشعبي العام وتجمع الإصلاح في إئتلاف حتى إنتخابات 1997م .

القاعدة تطل برأسها على المشهد السياسي باليمن في عمليات تفجيرية ضد المصالح الإجنبية تقوم قوات الأمن على إثرها بملاحقة عناصرها في حملات متقطعة في كلاً من أبين ومأرب وحضرموت ومع تصاعد عمليات القاعدة تفجرت أزمة الحوثيين بصعدة 2004م ليدخل أبناء الوطن الواحد ست جولات من الحرب وكل جولة أعنف وأشد وأدمى من الأخرى لتنحصر الحرب الميدانية في صعدة وعمران مع إمتداد آثارها مختلف أنحاء الجمهورية وعادت مقبرة الشهداء بصنعاء تستقبل الكثير من فلذات أبناء الوطن الذين راحوا في حرب لا يعلم الكثير أسبابها ودواعيها .

المحافظات الجنوبية كانت على موعد مع حراك سلمي مع نهاية العام 2007م آخذ بالتوسع والتحول من مظاهرات وإعتصامات سلمية للحصول على مطالب حقوقية الى أحداث دموية تنادي بإعادة دولة الجنوب وترفع شعارات إنفصالية ومع كل يوم تعيشة المحافظات الجنوبية يخسر الوطن الكثير من أبنائة وينحرف عن الإتجاه الصحيح لتصبح المشاريع الصغيرة هي العنوان الأكبر ليمن اليوم .